أحدث كتاباتي
أبرز كتاباتي
عشر سنوات من الفشل التجاري
بداية أشكرك عزيزي القارئ على اهتمامك وأتمنى أن أستطيع تقديم الفائدة التي ترجو الحصول عليها.
الحياة تمر بسرعة خارقة نغفل فيها أحيانا عن تفاصيل دقيقة قد تكون هي الأهم والأولى في نيل كامل تركيزنا وعنايتنا. في هذه المقالة أحاول توضيح المسيرة المتواضعة لي في التجارة وريادة الأعمال، والفشل المذكور هنا، أقصد به التحديات التي واجهتها وتعلمت منها كثيرا. فلست نادما على الإخفاقات، ولا التخبطات التي قمت بها وما زلت أقوم بها في سبيل الوصول إلى أهدافي المحددة.
عالم التجارة وريادة الأعمال عالم مثير جدًا، والكل يتحدث عنه ويتمنى أن يكون واحدًا من بين رواد الأعمال الناجحين والبارزين، لكن الجميع يغفل أن هذا العالم هو أشبه بالمحيط الهائج الذي لا يستقر. بالنسبة لي كنت دائما قريب من هذا العالم، فتجربة والدي في التجارة أعيشها بكل تفاصيلها منذ دراستي الجامعية في كلية إدارة الأعمال. فقد كنت أعمل في الفترة المسائية في مؤسستنا التجارية، ورغم قربي الشديد إلا أنني كنت منشغلاً بالأعمال الروتينية الصغيرة عن رؤية الصورة الكاملة المعقدة لتجارتنا. كنت أستثمر غالب وقتي في تعلم المهارات الجديدة والمتنوعة، وكنت أحاول أن أستقل بمساري الخاص واهتماماتي المختلفة. قمت بالكثير من الأعمال داخل مؤسستنا ولكن كل تلك الجهود أقوم بها كسائر الموظفين، فلست إلا موظفا ينفذ المهام والأوامر.
كانت لدي رغبة شديدة في خوض تجربة التجارة بنفسي وفي مجال أجد فيه شغفي. وكنت مهتما جدا حينها في مجال التسويق الرقمي والتصوير الفوتوغرافي، اهتمامي نشأ من خلال الوقت الذي أقضيه بشكل يومي في فضاء الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والتغذية البصرية. تعلمت الكثير من الأسرار والمهارات التي ساعدتني في استيعاب عالم التسويق الرقمي وكيفية الاستفادة منه بفكرة تجارية تعود عليّ بالنفع والفائدة المالية. اشتركت في دبلوم احترفي في التسويق الرقمي مقدما من قبل شركة عالمية في الرياض، التدريب كان بواقع 40 ساعة تدريبية ويشترط اجتياز الاختبار للحصول على شهادة الدبلوم. حصلت على الشهادة وقررت البدء في فكرة تجارية، هي عبارة عن موقع إلكتروني يقدم دورات مسجلة بالفيديو لطريقة التسويق بالفيديوهات القصيرة ويكون فيها تعليم الأساسيات والتدرج حتى الاحتراف. كتبت الفكرة بالتفصيل وعرضتها على أحد الأصدقاء فوافق على الدخول معي في تمويل تأسيس الفكرة فقدم لي مبلغا ماليا بسيطا ونصحني بالاستفادة من برامج التمويل حينها. قدمت على عدة حاضنات للأعمال، بعضهم لم يقتنع في الفكرة، لأن التدريب عن بعد لم يكن دارجا حينها. تم قبول الفكرة بشكل مبدئي في أحدها بشرط حضور دورة مكثفة مدتها خمسة أيام، حضرت الدورة التي ساعدتني في كتابة خطة العمل للمشروع ورفعها للتمويل، لكن أيضاً لم يتم الاقتناع في الفكرة، فتم رفضها. كان السبب الرئيس في الرفض كل مرة أحاول فيها الحصول على التمويل، عدم وجود “نموذج عمل” مقنع يثبت حتمية نجاحها، والسبب الآخر هو أنني حينها لم يكن لدي خبرة عملية في نفس المجال. فاجتمعت مع صديقي الذي شاركني في تأسيس الفكرة وأخبرته أننا لن نستطيع المضي قدما في هذا المشروع وتعهدت له بإرجاع كامل المبلغ الذي قدمه لي لتأسيس المشروع.
أثناء مرحلة البحث عن تمويل كونت العديد من العلاقات مع أصحاب شركات ومشاريع ناشئة وبعضهم نصحني أن أقوم بإنتاج الأعمال المرئية للجهات بدلاً من التدريب على تنفيذها. وفعلاً، سمعت النصيحة وعقدت الكثير من الاجتماعات مع جهات مستهدفة وحصلت على اتفاقات بمبالغ رمزية. بالإضافة إلى ذلك، قررت البدء في انتاج برنامج يوتيوبي خاص يساعدني على الانتشار، إمكانياتي حينها كانت محدودة ولأن البرنامج كان هادفا في وقت كانت المشاهدات العالية والانتشار من نصيب البرامج الساخرة، حاولت التعاون حينها مع شركات الإنتاج لإدراج البرنامج ضمن برامجهم ولكن دون جدوى، وجربت بناء فريق انتاج خاص للبرنامج ولكن لعدم وجود حافز مالي كان الجميع يعتذر عن التعاون. تجاهلت البرنامج اليوتيوبي وركزت على تنفيذ الأعمال المرئية للجهات، وكنت حينها أستفيد من خدمات المستقلين في انتاج الفيديوهات المرئية “الجرافيكس والانميشن”. كان التعامل معي من قبل الجهات أشبه ما يكون بالتعامل مع مستقل بشكل غير مباشر (بالباطن)، نفذت أعمال متنوعة في جهات حكومية وخاصة وبعض الأعمال ما زالت تستخدم حتى يومنا هذا، ولأن الأعمال لم تكن بشكل مباشر فقد كانت مبالغها زهيدة جدا ولكن فائدتها كانت في تكوين ملف لمؤسستي الخاصة وسابقة للأعمال يمكن تسخيرها حتى أستطيع مستقبلاً تطوير العمل. من خلال هذه الأعمال خطرت في بالي فكرة انشاء متجرا إلكترونيا متخصصا في الوساطة بين مصممين الجرافيكس وأصحاب الأعمال، نفذت الفكرة عن طريق مؤسسة متخصصة بالبرمجة ثم أطلقت حملة مدفوعة عن طريق أحد مؤثري التقنية المشهورين وحقق ذلك تسجيلا ممتازا من قبل المصممين ولكن عدد أصحاب الأعمال كان قليلاً جدًا. كانت فكرة المنصة أن يقدم أصحاب الأعمال طلباتهم فيقوم المصممون بتقديم عروضا للأسعار، وفي حال قبول أحد الطلبات يكون التواصل مباشرا بينهم حتى تسليم العمل مقابل نسبة 1% من الأعمال، إلا أن الفكرة أيضا لم تنجح فلم يتم رفع الكثير من الطلبات. ثم حدثت المفاجأة الصادمة والمدمرة للفكرة، فقد قررت إحدى الجهات الحكومية انشاء منصتين بفكرة مقاربة لفكرتي ولكن بشكل أكثر شمولية ليغطي الكثير من المجالات وليس فقط الإنتاج، كان التسجيل فيها برقم الهوية الوطنية للمصممين والمستقلين ورقم السجل التجاري لأصحاب الأعمال، فانتشرت الإعلانات في كل المنصات عن هذه المنصتين وهذا ما زاد صعوبة نجاح منصتي الخاصة. بحثت عن وسيلة تمويلية لمنصتي عبر مسرعات الأعمال المتخصصة بدعم الأعمال الإعلامية ولكن تم رفض الفكرة، فقررت الاحتفاظ في بيانات المصممين والبحث عن طريقة أخرى للاستفادة من خدماتهم بنفس طريقتي السابقة عبر العلاقات الشخصية. كنت أيضا أقدم خدمة التصوير الفوتوغرافي للشركات الخاصة كنوع آخر للحصول على دخل إضافي، جمعت في وقتها مبلغًا جيدًا من المال لكنه لا يكفي لفتح محل أو لتوظيف شخص مساعد، فاتخذت قرار التوقف عن الإكمال في المجال واحتفظت بالمبالغ المحصلة للبحث عن فرصة أخرى.
خلال رحلتي في عالم التسويق الرقمي والتصوير وحضور الدورات التدريبية المتنوعة تشكلت لدى الأصدقاء والعلاقات الشخصية التي بنيتها، صورة ذهنية جيدة عني في المجال وبعضهم ساعدني في اقتراح اسمي لتقديم الدورات والمحاضرات في كثير من المعارض والملتقيات والمؤتمرات المتخصصة. فكانت هذه إضافة جيدة جداً في سيرتي الذاتية تعلمت منها واكتسبت العديد من العلاقات والسمعة الجيدة. فقررت أن أدعم ذلك بدراسة الماجستير في التخصص لتقوية سيرتي بشكل أكبر محاولا بذلك الاستفادة منها في تقديم الاستشارات وكذلك عقد الشراكات التجارية المثمرة، حصلت على درجة ماجستير التسويق الرقمي من الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2019 م. وقد حققت ما كنت أهدف إليه في تقديم الاستشارات التسويقية إلى الجهات، وأصبحت عضوا في مجلس جمعية التسويق السعودية والتي أهدف من خلالها إلى الإثراء المعرفي ومشاركة التجارب التي مررت فيها، وكذلك التعلم من تجارب الأكاديميين والمتخصصين في المجال. إلا أنني حتى الآن لم أستطع الاستفادة من هذه التجربة في عقد شراكات تجارية وذلك يعود لعدة أسباب أهمها عدم قدرتي على التفرغ بشكل كامل.
ومع مرور الأيام والسنين إلا أنني لم أستطع الاستغناء عن شركتنا العائلية التي كنت أعمل فيها بشكل دائم منذ دراستي الجامعية ولم يكن تركيزي على أن تكون هي تجارتي التي يجب عليّ أن أبذل فيها كل جهدي واهتمامي. فحزمت الأمر وقررت أن أوليها المزيد من التركيز وأن أعامل الشركة وكأنها شركتي الخاصة فصرفت التفكير حينها في أي أمر آخر قد يشتتني عن تطوير الشركة وإصلاح البنية الإدارية فيها وأيضا السعي لزيادة حصتها السوقية كونها من أكبر الشركات في مجال تجارة أنابيب المياه في المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، فقد طلب مني والدي تأسيس شركة خاصة أخرى في مجال منتجات التجميل لأكون مديرا تنفيذيا لها ويكون هو شريكا مقابل تمويلها وشريكا آخر كان هو صاحبا للفكرة ومسؤولا تجاريا للشركة. من حيث المبدأ الفكرة كانت جيدة ومحفزة ولكن الإشكالية من البداية أنني لن أستطيع التفرغ لها وهذا ما شكل تحديا كبيرا معيقا لأن تسير الشركة في طريق النجاح التجاري. والأمر الآخر الذي جعلها أكثر تعثرا، هو عدم تحويل رأسمال الشركة المعلن في الحساب البنكي للشركة، فهذا الأمر هو شريان الحياة لها، وبعدم توفره لن تقوى الشركة على الصمود. وآخر التحديات هو الوضع الاقتصادي الصعب الذي تواجهه الكثير من الشركات في الوقت الحاضر، فضلاً عن المنافسة الشرسة في هذا المحيط الأحمر المليء بالدماء.
النجاح التجاري هو أولا يكون بتوفيق الله فإن لم يكتبه الله لك فلن يكون. وإن الفشل الذي واجهته أنا خلال هذه الرحلات التجارية المتنوعة له مسببات عديدة، تعلمت منها كثيرا وما زلت أتعلم، وهي كذلك رحلة التجارة فليست مفروشة بالورود كما يعتقد الكثير، وهي رحلة شاقة وفيها الكثير من التحديات التي لا تنتهي أبدا، ففي كل يوم جديد ستواجه معضلات تحتاج إلى حل وتحليل وصبر وتأني في اتخاذ القرار. إذا كنت لا تقدر تحمل عدم الاستقرار فأنصحك أن تبتعد عن التجارة وريادة الأعمال، وأن ترضى في وظيفتك الحالية، وأن تجتهد بشكل لا يدعو إلى المخاطرة في طريق الارتقاء الوظيفي. ولعل أهم الأسباب التي سببت في فشلي التجاري، هو عدم التفرغ، فالتجارة الناجحة مرهونة بالتفرغ التام والتركيز العالي أو على الأقل تعيين شخص مسؤول يقوم بإدارة المشروع بشكل كامل. وثاني هذه الأسباب هو عدم القدرة المالية لتمويل الأفكار الجريئة التي كنت دائما أفكر فيها. والأمر الأخير هو عدم قدرتي على بناء فريق عمل يؤمن بالتعاون والتكامل في سبيل تحقيق النجاح التجاري وهذا يعزى لعدم القدرة المالية المذكور سابقاً لجلب العقول التي يمكنها أن تساعد في التخطيط والتنفيذ لخطة العمل التجارية.
ختاماً، أشكرك عزيزي القارئ على إتمامك لقراءة هذه المقالة عن رحلتي التجارية، وأتمنى أن تكون قد استفدت من عرض التجربة وتفاصيلها لإرشادك في حال رغبتك خوض التجربة التجارية الخاصة بك.
ثلاثة وأربعون عاماً من السعي
دعوني أحدثكم عن حالي ما بعد الأربعين ( تأملات، ومراجعات، وفلسفة )
أرجو أن تتجاهلوا الهفوات اللغوية والنحوية فهذه مساحة للفضفضة ولياقتي في الكتابة قد وهنت بعد طول انقطاع. هل تذكرون تطبيق (ClubHouse)، ذلك التطبيق العجيب الذي أعاد للجميع الرغبة في التحدث بعد طول صمت، لهذا التطبيق فضل كبير، فقد جمعني بصديق كان من أعجب الأصدقاء، أتعجب من قدرته على التعبير عن ما بداخلنا وكأنه مطّلع على أعماقنا، لم يتسنى لي الالتقاء به كثيراً لكن القليل منه كان كالغيث المنهمر في المشاعر والعبارات. هو ذلك الفيلسوف الذي تنساب من فيه العبارات كالنهر الجاري. ولعل أبرز كلماته التي جعلتني أفكر ملياً في حياتي وأعيد تقييمها بعد تعبي من تعدد المحاولات وكثرة العثرات، “الحياة في نظري هي استمرار السعي وأنا مؤمن أننا خلقنا لنسعى ولم نخلق لنصل”. كلمات ربما لا يفهمها الجميع رغم بساطتها وهي تحتاج إلى تفكٌر وطول تأمل، فجميعنا يقرأ تلك الآية من القران الكريم التي قال فيها تعالى:(وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الأَوْفَى) سورة النجم.
توقفت كثيراً عندما سمعت تلك الكلمات وبدأت في مراجعة كل شيء في حياتي، فكم من الأوقات مرّت وأنا أندب حظي وأشكو إلى ربي قلة حيلتي واسأله الخيرة في أموري لكني لم أصل إلى التفكير العميق في محطات رحلة الحياة بتأني وطول مراجعة، كنت أظن أن صبري وعدم يأسي يكفي حتى أصل إلى هدفي أو نتيجة كفاحي.
كنت أحث الخطى نحو كل شيء قد يوصلني إلى مبتغاي وأهدافي التي تحاصرني في صحوتي ومنامي، وما زلت على تلك الحال. لم أكن أفكر كثيراً في التفاصيل الدقيقة التي أَمرٌ بها أثناء إسراعي ومحاولاتي، بل كنت أركز على الهدف البعيد، كانت الرحلة شاقة وطويلة وليس فيها متعة أو سعادة، وكانت قاتمة حزينة، وآمالي معلقة بالنتيجة النهاية وإمكانية الوصول. لم أكن أعلم أن تلك التفاصيل الصغيرة هي أهم ما في الرحلة، بل إن في تأملها غاية السعادة والراحة، كيف لا يكون ذلك وأنا سأكون مأجوراً على سعيي وأنه مشهود لي، وأن جزائي سيكون من رب كل شيء، بالجزاء الأوفى الذي ليس قبله ولا بعده. كم كنت غافلاً وغير مدرك للمعنى العظيم والغاية السامية التي خلقنا جميعاً من أجلها.
كم من الأوقات ضاعت، وكم من الأيام مرت، وكم خسرت من الجهود والأموال والأصدقاء، في سبيل تحقيق أهدافي المستحيلة، ضيعت الكثير من اللحظات السعيدة جهلاً مني، ولعل في ذلك محطات يجب أن أسرد تفاصيلها للقارئ الذي ربما سيوافقني فيما أقول.
%
التسويق والاعلام
%
إدارة الأعمال
%
الاتصال المؤسسي
%
الكتابة والتدوين
السيرة الذاتية
التعليم
ماجستير تسويق رقمي 2019م
المهارات
التسويق والاعلام الرقمي – إدارة الأعمال – الاتصال المؤسسي – الكتابة التدوين
المهام الحالية
شركة الرعاية الموحدة التجارية
مارس 2021
شريك مؤسس
مكتب مشاهدات للاستشارات
يناير 2020
مستشار
أرحب بمناقشة مشروعك، وتواصلك الكريم
تأكد أنك مهم جداً، لذلك لا استغني عن رأيك، فكرتك، انتقادك